بيت نهرين – عن آسي مينا
ليس واقع المسيحيين في تونس تحت الأضواء والمجهر. يُعزى ذلك إلى سببَين جوهريَّين أوّلهما تراجع مظاهر التضييق الذي مارسته الحركات الإسلامية مع صعودها مطلع العقد الماضي، وثانيهما ضعف أعداد المسيحيين في الدولة الواقعة شمال إفريقيا والتي تعتنق الغالبية الساحقة من سكانها الإسلام.
بشيء من سلام وسكينة يعيش المسيحيون في تونس. لا إحصائيّات رسمية لأعدادهم الدقيقة، إلّا أنّ أكثر التقديرات تفاؤلًا تشير إلى ما لا يتجاوز 35 ألفًا. إلباسهم صفة «الأقلّية» يزرع فيهم حافزًا أكبر للبقاء في تلك الأرض مع كنيستهم التي تسعى إلى نسج أفضل العلاقات مع الآخَر حفاظًا على مكانها ومكانتها.
من بين مظاهر التمسّك بالبقاء، يبرز تقليدٌ سنويّ تشهده تونس في الخامس عشر من أغسطس/آب، أي بالتزامن مع احتفال دول عدّة بعيد انتقال السيّدة العذراء. «خرجة المادونا» أو ما يُعرَف أيضًا بـ«موكب سيدة تراباني»، مهرجان سنويّ يُنظَّم في اختتام موسم الصيف.
آلاف المؤمنين يحملون تمثال السيدة العذراء على الأكتاف ويُخرجونه من كنيسة سانت أغوستان (القديس أغسطينوس) ويطوفون به مسافةً غير بعيدة. في مدينة حلق الوادي (شمالي تونس)، جاب المؤمنون الكاثوليك مع حشدٍ من المشاركين المسلمين الشوارع رافعين شعار «العيش معًا». مسيرة تحمل رمزيّة تتكرّس سنويًّا ومفادها التعايش والتسامح بين التونسيين على اختلاف مشاربهم الدينية.
تواكب الكنيسة الكاثوليكية هذا الحدث السنوي بالتشديد على أهميّة البقاء. رسالة جدّدها كبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في تونس، الإيطالي إيلاريو أنطونيازي، بدعوته الشباب التونسي إلى التخلّي عن حلم الهجرة إلى أوروبا.
وأضاف متوجّهًا إلى الشبّان والشابات: «إيطاليا ليست حلمًا كما تظنون. أقول ذلك وأنا إيطالي. انزعوا فكرة الذهاب إلى إيطاليا وعبور البحر من رؤوسكم. أحبّوا بلادكم. بلادكم جميلة.
وكانت المسيرة قد شهدت قداسًا احتفاليًّا حضره مئات المصلين، معظمهم من المهاجرين الأفارقة».