بيت نهرين – عن آسي مينا
يُعَدُّ نهر الأردن من أقدس الأماكن لدى المسيحيين، فهو الموقع الذي اعتمد فيه يسوع المسيح على يد يوحنا المعمدان. منذ النصف الثاني من القرن الماضي حتى اليوم، يعاني النهر انخفاضًا حادًّا وخطيرًا في مياهه بسبب موجات الجفاف والتصحّر التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى الصراع الأردني والفلسطيني مع السلطات الإسرائيليّة التي حوّلت قسمًا من مياهه إلى الأراضي الزراعيّة بموجب معاهدة وادي عربة.
بعد اكتشاف «المغطس»، الموقع الذي اعتمد فيه المسيح وافتتاحه في العام 2002 وزيارة البابا فرنسيس له في العام 2014 ودخوله في العام التالي ضمن لائحة التراث العالمي لمنظّمة اليونسكو، تعهّدت السلطات الإسرائيليّة إعادة تأهيل القسم السفلي من النهر، مؤكدة أنها ستعمل على زيادة حجم المياه المتدفّقة إليه.
من جهته، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لدى لقائه البابا فرنسيس الشهر الماضي في الفاتيكان، حرص المملكة الشديد على حفظ الأماكن الدينيّة المسيحيّة ورعايتها، ولا سيّما موقع عماد المسيح، واعدًا بأن المرحلة المقبلة ستشهد تطويرًا وتحسينًا للمرافق والخدمات المقدّمة إلى الزوّار.
انعكاسًا لتلك الوعود، شهد الموقع افتتاح مركز جديد للزوّار يحكي قصّة المكان وأهمّيته وقدسيّته، إضافة إلى تجهيز قسم خاصّ لاستقبال الحجّاج ذوي الاحتياجات الخاصّة.
ومنذ بداية العام حتى الآن، وصل إلى المغطس نحو 150 ألف حاجّ، غالبيّتهم من جنسيّات أوروبيّة وأميركيّة. ويُعَدُّ هذا الرقم من أفضل الأرقام المسجّلة منذ افتتاح المغطس قبل 20 عامًا. فالترويج الثقافي للموقع في الدول الأوروبيّة في ازديادٍ مستمرّ ويترافق مع اهتمام أكبر من جانب مكاتب السياحة الدينيّة حول العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن المغطس يقع على الضفّة الشرقيّة لنهر الأردن في وادي الخرار في قرية بيت عنيا على بعد 50 كلم من العاصمة الأردنيّة عمّان. أمّا الركائز التي ساعدت في اكتشاف الموقع، فكان أوّلها النصّ الإنجيلي ومعرفتنا من خلاله بمكان إقامة يوحنا المعمدان (البرّيّة)، وثانيها وصف الرحّالة والقديسين والنسّاك للموقع في القرون الميلاديّة الأولى، وثالثها ما كشفته الحفريّات والتنقيبات الأثريّة -التي استمرّت إلى ما بعد العام 2002- من كنائس ومغاور وكهوف للرهبان ولوحات فسيفسائيّة باللغة اليونانيّة.