القضاء ينأى بنفسه والمرجعية أيضا
بغداد – قطع القضاء العراقي الطريق أمام محاولات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إقحامه في الأزمة السياسية بعد أن رفض دعوته إلى حل البرلمان.
وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق الأحد عدم امتلاكه صلاحية حل مجلس النواب، ردا على طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حلَّ مجلس النواب في البلاد خلال مدة لا تتجاوز أسبوعا.
وأوضح المجلس في بيان أنه “ناقش طلب السيد مقتدى الصدر المؤرخ في 10 – 8 – 2022 الخاص بحل مجلس النواب”، وفق وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وأضاف “ليس من مهام مجلس القضاء أي صلاحية تجيز للقضاء التدخل في أمور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية المنصوص عليه في المادة (47) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005”.
ودعا مجلس القضاء “الجهات السياسية والإعلامية كافة إلى عدم زج القضاء في الخصومات والمنافسات السياسية”.
هادي العامري يبدأ محادثات مع أطراف سياسية مختلفة تهدف إلى استقراء المواقف قبل لقاء محتمل مع الصدر
وأضاف أن “القضاء يقف على مسافة واحدة من الجميع، لأن الأساس الذي يرتكز عليه هو تطبيق الدستور والقانون، وهذه قواعد عامة تنطبق على الجميع بالمعيار نفسه وغير قابلة للاجتهاد أو التأويل”.
وينص الدستور على حل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثُلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.
وكان الصدر طالب القضاء بحل البرلمان “في موعد أقصاه نهاية الأسبوع المقبل”، كما طلب من نوابه المستقيلين وأنصاره المحتجين “تقديم دعاوى رسمية للمحكمة الاتحادية وبطرق قانونية”.
ونشر الناشط صالح محمد العراقي وزير الصدر نموذج الدعوى المُراد تقديمها عبر صفحته على تويتر، قبل أن يحذفها وينشر أخرى معدلة.
ولا تلوح أيّ بوادر لتراجع الأزمة السياسية في البلاد، حتى بعد أسابيع من اقتحام أنصار الصدر للبرلمان، رغم تزايد الغضب الشعبي الناتج عن الجمود السياسي الذي أنهك حكومة تصريف الأعمال وقدرتها على توفير الخدمات الأساسية.
ولا تزال المنافسة متواصلة بين المعسكرين السياسيين الشيعيين بينما يلتزم علي السيستاني، الذي ينظر إليه على أنه الصوت الوحيد الذي يحتمل أن يكون قادرا على إنهاء الخلاف، الصمت.
ولا يزال المئات من أنصار الصدر يخيمون خارج المبنى التشريعي في بغداد، وهم على استعداد للتصعيد إذا لم تُلبَّ مطالبهم.
ولا يبدو الفصيلان مستعديْن لتقديم تنازلات لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ عشرة أشهر، وهي الأطول منذ الغزو الأميركي سنة 2003.
ويقول مراقبون إن صمت السيستاني يشجع الصدر على التمادي في شل عمل مؤسسات الدولة.
وقال ثلاثة مسؤولين في مدرسة السيستاني في مدينة النجف المقدسة إنه لم يستخدم نفوذه لأنه لا يريد أن يبدو منحازا إلى أحد الطرفين.
وقال أحد المسؤولين لوكالة أسوشيتد برس، في إشارة إلى السيستاني، إن “المرجعية تراقب الوضع بقلق”. وأكد أن الرجل “لن يتدخل في الوقت الحاضر؛ حيث قد يُنظر إلى تدخله على أنه لصالح طرف على حساب آخر”.
والسيستاني لا يتدخل في الشؤون السياسية إلا نادرا، ولكنه يغيّر مسار السياسة العراقية عندما يتدخل.
وأدت خطبته في 2019 إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبدالمهدي وسط احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة، وهي الأكبر في تاريخ العراق الحديث. وأدت إدارة مصطفى الكاظمي اليمين الدستورية بهدف إجراء انتخابات مبكرة جرت في أكتوبر 2021.
وقال المسؤول في النجف إن السيستاني سئم من الديناميكيات السياسية العراقية الحالية. ولم يستأنف خطبه المعتادة الجمعة التي تقرر تعليقها أثناء تفشي وباء كورونا.
ولا تزال أبواب السيستاني مغلقة في وجه النخب السياسية في العراق، في إشارة إلى أنه لا يوافق على سياساتها.
وقال المسؤولون إن لدى السيستاني خطوطا حمراء ستجبره على التدخل إذا جرى تجاوزها، وتشمل إراقة الدماء ومحاولات تقويض ما يُنظر إليه على أنه أسس ديمقراطية في العراق.
وقال أحد المسؤولين “يعرف مقتدى هذه الخطوط الحمراء ولن يتجاوزها”.
وبدأ زعيم تحالف الفتح هادي العامري محادثات مع أطراف سياسية مختلفة يقول متابعون إنها تهدف إلى استقراء المواقف قبل لقاء محتمل مع الصدر، على أمل التوصل إلى اتفاق.
وأعلن تحالف الفتح الأحد وصول العامري إلى أربيل (شمال) ضمن وفد من قيادات الإطار التنسيقي لبحث الأزمة السياسية في البلاد، بعد لقائه رئيس مجلس النواب (البرلمان) محمد الحلبوسي في بغداد.
وقال المكتب الإعلامي للتحالف في بيان إن “الوفد سيجتمع برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، قبل توجهه إلى السليمانية للقاء رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، ورئيس حركة الجيل الجديد شاسوار عبدالواحد، بالإضافة إلى رئيس جماعة العدل علي بابير”.
وأضاف “سيبحث وفد الإطار التنسيقي مع الأحزاب والقوى الكردية الأوضاع السياسية الراهنة ومستجدات أزمة تشكيل الحكومة”.
ويضم تحالف الفتح أذرعا سياسية لفصائل شيعية مسلحة بعضها مقرب من إيران، وهو جزء من الإطار التنسيقي الذي يضم أيضا ائتلاف دولة القانون وتحالف قوى الدولة وتحالف النصر وحركة عطاء وحزب الفضيلة، وجميعها قوى شيعية.
والتقى رئيس تحالف الفتح هادي العامري، في ساعة متأخرة من السبت، مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في بغداد.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس في بيان أن “رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي استقبل رئيس تحالف الفتح هادي العامري لبحث الوضع السياسي في البلاد”.