شعبنا الكلدوأشوري يستغيث..ولايقبل ألا بتوحيد الصفوف !!

أوشانا نيسان

"معيار تمييز الحقِّ من الباطل!!

تعلن الرابطة الكلدانية العالمية تأييدها ومساندتها لرسالة غبطة البطريرك الكاردينال مارلويس ساكو والموجهة الى قيادة وحكومة اقليم كوردستان والتي تضمنت المطالبة بالغاء التسمية المركبة (كلداني سرياني اشوري).. بأدراج الكلدان كقومية مستقلة  الى جانب القوميات الاخرى للمكون المسيحي (الاشوريين والسريان والارمن)"، تنشر الرابطة الكلدانية العالمية بتاريخ 5 شباط 2023، أي في اليوم الثاني من نشر رسالة البطريرك.

الواضح أن أعتراف الرابطة الكلدانية العالمية أعلاه، لم يأت للاسف الشديد من موقع الريادة الاستراتيجية للمشاركة في عملية صنع القرارات المصيرية المتعلقة بشعبنا وأليات تفعيلها، وأنما جاء الاعتراف من موقع التبعيّة والضعّف وذلك لسببين:

أولهما: تبعية الرابطة لافكار وطروحات قداسة بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بأعتباره الاب الروحي للنخبة المثقفة من العلمانين الكلدان وعلى أمتداد مساحة الوطن ودول الاغتراب. لربما بسبب ثقافته المنفتحة على تحديات العالم وجرأته في طرح أفكاروأراء لربما تتجاوز الواقع كثيرا، بهذف تحريك العلاقات الاخوية والوطنية الراكدة بين السلطات الاتحادية وبقية المكونات العرقية والمذهبية شمال العراق وجنوبه.

ثانيهما: غياب موقع العلمانين أن لم نقل غياب موقع النخبة الكلدانية المثقفة ضمن العراق الجديد، رغم جميع التغييرات السياسية التي طرأت وتطرأ بأنتظام ضمن المشهد السياسي المعقد في عراق ما بعد قرن من دكتاتورية النظم المركزية وعاصمتها بغداد. صحيح أن العلمانية كمشروع وحركة فكرية بدأت مع بدايات عصر النهضة الاوروبية، نتيجة لآستبداد رجال الدين وجمود الكنيسة الديني والفكري، في حين وللحق يقال، فأن دعوات قداسة البطريرك  لويس روفائيل ساكو الوحدوية حول كنيسة المشرق وجهوده "السياسية والقومية"، تصبّ من دون شك ضمن القدرات الروحية، الفكرية والعقلية المتعددة لقداسته !! 

وبالعودة الى مضمون طلب قداسة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، فأنني أستميح قداسة البطريرك وراعي كنيستنا الكاثوليكية المقدسة عذرا،أن جوهررسالته أعلاه، لا يتفق مع قول سيدنا المسيح: "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يو 17: 21) ولا يتفق المطلب أيضا مع جوهرالمقابلة التي أجرتها صحيفة " العربي الجديد" مع قداسة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو بتاريخ 7 يوليو 2017  حيث دعا فيها:

"المسيحيين والأحزاب السياسية للخروج من تناقضاتهم وتعزيزالوحدة بينهم، وترك التجاذبات غير النافعة، وإيجاد جو سليم ومريح للتفكير والنقاش والحوار والعمل الجماعي، مستندين للواقعية والعقلانية"، أنتهى الاقتباس.

لنترك خلافاتنا جانبا ونركّزعلى البقاء!!

خلال 20 عام من بعد سقوط نظام الطاغية في بغداد، والحكومات العراقية وبجميع مشاربها السياسية، تتراوح بين قرارالمحاصصة الطائفية الدينية( السنية والشيعية)، ونهج تقسيم المجتمع العراقي الى طوائف وهويات قاتلة في سبيل أخفاء ظاهرة التنوع الاثني التي تميز بها العراق منذ أقدم العصور. حيث كانت هناك منظمات سنيّة أرهابية دخلت العراق علنا منذ عام 2014، تتلطى بالدين والدين منها براء. وهناك أيضا ميليشيات شيعية وتحت عناوين مختلفة تنتقم مما تعتبره أجحافا تاريخيا لحق بشيعة العراق منذ تشكيل الدولة العراقية قبل 100 عام.

ومن الواقع التاريخي هذا يمكن تسليط الضوء على مضمون دعوة قداسة البطريرك في تقسيم صفوف شعبنا المسيحيي رغم هول التحديات المخيمة على الوجود ومستقبل مسيحيي الشرق الاوسط عموما والعراق على وجه التحديد. والسؤال الذي يطرح نفسه هو:

لماذا يا قداسة البطريرك لا نستفيد من تجربة لبنان بأعتبارها أول دولة مسيحية وجدت على خارطة بلدان الشرق الاوسط منذ عام 1943، بدأت تنهار اليوم أمام مرأى ومسمع العالم المسيحي المتحضر؟
حيث شخصيا أستمعت لروايات العشرات من الاشوريين الذين طردتهم القوات اللبنانية المسيحية وهم على الخطوط الامامية من جبهات القتال للدفاع عن مسيحيي لبنان خلال الحرب الاهلية اللبنانية من عام 1975 وحتى عام 1990. بسبب أصرار القيادات المسيحية "المتنفذة" في القول، أن هذا الحرب هو حرب المارونين "المسيحيين " اللبنانين وليس حرب المسيحين الاشورين!!

والتاريخ يذكرنا الان، كيف تحاول القيادات المسيحية نفسها وعلى رأسها زعيم القوات، في التقرب من المنظمات السياسية السريانية، الاشورية ولربما حتى الكلدانية، بهدف ملآ الفراغ الذي تركته هجرة الالاف من المارونين أولا، ثم تعاظم دور حزب الله الشيعي ضد مسيحيي لبنان ومؤسسات دولتهم ثانيا.

معلوم أننا تعودنا أن نكتب ونقول، أن التاريخ يعيد نفسه ولكن وللاسف الشديد فأن عددا غير قليل من القيادات السياسية والحزبية واليوم حتى الزعامات الكنسية لشعبنا، لا يأخذون لا العظّة ولا حتى العبرة من دروس الماضي القريب. فاذا نجح التطرف الاسلامي الذي يقوده حزب الله اللبناني وحده، في أختطاف هيبة الدولة اللبنانية "المسيحية" الوحيدة وتعطيل عملية انتخاب رئيس جمهوريتها لسنوات، فماذا ينتظرمسيحييوا العراق من دولة أو عراق دخل في مرحلة أنهارت فيها مؤسسات الحكم والدولة؟ 

هذا من جهة ومن الجهة الثانية، فأن شبح الانقراض مثلما بات يخييم على وجود مسيحيي الشرق الاوسط عموما ومسيحيي العراق على وجه التحديد، يفترض بنا جميعا وتحديدا علماء الدين المسيحيون، أن يعملا بجديّة في سبيل تهيئة الاجواء المناسبة للوحدة والتقارب قبل فوات الاوان. حيث أن يسوع عندما أختار الاثني عشر رسولا من بين تلاميذه العديدين، ينشرقداسة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو على صدر الموقع الالكتروني لكنيسته بتاريخ 23 نوفمبر 2020.. أذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمِّدوهم ( يوحنا 20/21-22). وأوصاهم: " خُذوا الرُّوحَ القُدُس باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم ان يحفظوا جميعَ ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كلّ الايام والى انقضاء الدهر (متى 28/ 19-20).